
موقعة وادي برباط
في شعبان سنة 92 من الهجرة، بدأ جيش المسلمين في عبور مضيق جبل طارق ،
ونزلوا على جبل عرف في التاريخ بعد ذلك بجبل طارق والمضيق جبل طارق،
ويعرف بهذا الاسم إلى زماننا الحاضر حتى في اللغة الأسبانية بمضيق جبل طارق ثم انتقل منه إلى الجزيرة الخضراء
وهناك قابل الجيش الجنوبي للأندلس وجيش النصارى الضخم،
وقد كانت هناك حامية في منطقة الجنوب فقابلها طارق بن زياد رحمه الله وعرض عليهم أموراً
وهي : إما أن تدخلوا في الإسلام ولكم ما لنا وعليكم ما علينا ونترك كل أملاككم في أيديكم على أن تدينوا بدين الله سبحانه وتعالى،
أو تدفعوا الجزية للمسلمين ونترك لكم أيضاً كل ما في أيديكم، أو أن تدخلوا معنا في قتال ولا نؤخركم إلا ثلاثة أيام، هكذا كانت دعوة المسلمين .
فالنصارى القوط الموجودين في ذاك المكان أخذتهم العزة فتجهزوا لقتال المسلمين ،
فقاتلهم طارق بن زياد رحمه الله فانتصر عليهم ، فأرسل زعيم القوط في تلك المنطقة رسالة سريعة إلى لذريق في طليطلة عاصمة الأندلس في ذلك الزمن،
فقال في رسالته : أدركنا يا لذريق فإنه قد نزل علينا قوم لا ندري أهم من أهل الأرض أم من أهل السماء ؟!
والشيء الغريب عند أهل الأندلس أنهم يدخلون في دين الإسلام وأن يترك لهم كل شيء ، وما كانوا متعودين على ذلك،
فهذه السياسة ليست معروفة عندهم وصلت الرسالة إلى لذريق فجن جنونه وأخذه الغرور وجمع من الناس مائة ألف مقاتل،
وجاء بهم من الشمال إلى الجنوب، أما طارق بن زياد فإن عدد جيشه سبعة آلاف رجل ليست معهم إلا خيول قليلة،
فأرسل رسالة إلى موسى بن نصير يطلب منه المدد، فأرسل له موسى بن نصير خمسة آلاف رجل آخرين رجالة على رأسهم طريف بن مالك رحمه الله الذي اكتشف أرض الأندلس منذ عام قبل ذلك .
فأصبح جيش المسلمين قوامه 12000 مقاتل وقد تم اللقاء بينهما في 28 رمضان سنة 92 من الهجرة، والحقيقة أن شهر رمضان شهر معارك أو فتوحات وانتصارات وشهر قيام وصيام وقرآن ،
ولا يدري الإنسان لماذا تحول شهر رمضان إلى شهر مسلسلات وأفلام جديدة ، وفوازير وسهر للفجر ، ونوم إلى حد منتصف النهار ، وهروب من العمل ومضاربات ومشاكل؟
وأصبحت نفسية الصائم ضيقة ، بخلاف المسلمين في ذلك الزمان ، فإن رمضان لديهم شهر جهاد ، فقد دارت معركة من أشرس المعارك في تاريخ المسلمين وهي موقعة وادي برباط في 28 رمضان لسنة 92 هجرية
فقد استطاع طارق بن زياد رحمه الله باثني عشر ألفاً من الرجال عديمي الخيول أن ينتصروا على مائة ألف فارس من النصارى في موقعة وادي برباط الشهيرة ؛
واستشهد من المسلمين (3000) رجل ، وهذا يمثل ربع الجيش المسلم ، ومع ذلك لم يفت ذلك في عضد طارق بن زياد رحمه الله ، بل انطلق من وادي برباط إلى الشمال ليفتح المدينة تلو المدينة ،
وكانت المدينة العظيمة التالية لمنطقة وادي برباط هي مدينة إشبيلية ، وهذه المدينة مع حصانتها وقوتها ومجدها وحاميتها
دفعت الجزية وفتحت أسوارها لـ طارق بن زياد رحمه الله
المصدر: كتاب الأندلس من الفتح إلى السقوط، د. راغب السرجاني
والله اعلى واعلم